الحديد المطروق :

إنّ الإلتجاء للحديد المطروق قصد حماية أو تعزيز مدخل المساكن يعتبر سلوكا قديما جدّا في تونس, إلاّ أنّها كبقيّة الحرف الفنيّة, تجاوزت هذه الحرفة المتطلبات العمليّة لتنقلب إلى وسيلة تعبير فنيّة.

إنّ الحدادين التونسيين الذين اشتهروا بمهاراتهم العالية تعاملوا بكثير من الحذر مع التأثيرات الخارجيّة, الأمر الذي جعلهم يعترفون دائما بما قدمه الأندلسيون لهذا الفن, إذ يعود لهم الفضل في إستعمال الأشكال الأنيقة المتكونة من منحنيات و أشكال حلزونيّة (زلابيّة) و تزويق الأبواب المسمّرة التي أصبحت من مميزات الحديد المطروق في تونس.

لقد تكيفت اليوم منتجات الحديد المطروق الإستعماليّة و التزويقيّة لتستجيب لمتطلبات السوق.

إنّ التطعيم المتبادل و المتناغم بين عدّة خامات (خشب و حديد مطروق, بلور منفوخ و حديد مطروق) تعرض على الحريف المحلي و السائح مجموعة منتوجات جدّ متنوعة.

فعلا, لقد تمكن المبتكرون الشبان, بفضل نزعتهم التجديديّة, من فرض أسلوب إبتكاري تونسي بحت أغرى السوق العالميّة.

النحاس في صميم تقاليدنا

ظهرت صناعة ا لنحاس بالبلاد ا لتونسية منذ القرن ا لسابع عشر، وعرفت عهدها ا لذهبي في القرن الثامن عشر حيث ازدهرت هذه الصناعة التقليدية خاصة في تونس العاصمة ومدينتى القيروان وصفاقس.

ولأهمية هذه الصناعة في المجتمع ا لتونسي أقيمت لها سوق خاصة انتصب فيها ا لحرفيون والباعة لهذا المنتوج التقليدي وذلك على غرار باقي الصناعات التقليدية الاخرى حيث نجد سوق الشواشين وسوق ا لسراجين…

لكن الميزة التي نجدها في سوق النحاس بكل المدن الذكورة اعلاه انه يكون أبعد ما يمكن على مبنى ا لجامع لتلافي الأصوات الصادرة عن طرق ا لنحاس.

وككل صناعة تقليدية تجد أن للحرفي دورا محوريا في هذا المنتوج اليدوي الفني وذلك باستعمال الحرفي المطرقة وتسخين النحاس على النار وتوجد منتوجات من النحاس الاصفر ومنتوجات من النحاس الاحمر.

ونظرا لضجته يوجد سوق النحاس بعيدا عن الجامع كي لا يزعج سكون أماكن العبادة والصلاة ويتميز سوق ا لنحاس بحركيته ونشاطه لتزويد المدينة بما تحتاجه من أواني للمطبخ وأطباق ولوازم الحمام.

وينقسم انتاج النحاس الى مواد عملية وأخرى للزينة، لكن المنتجات العملية لم تصمد امام الزمن فعوضت اجهزة الطبخ السربع والتجهيزات الكهربائية الطنجرة والكروانة وااصينية والمقفول والكسكاس والقصعة… التي لا تستجيب اليوم الى تطلعات تونس الحديثة، أما ادوات الزينة (اطباق ومئبرات ومنفضات سجائر…) فقد واجهت الزمن وصمدت امام التحولات الاجتماعية.

وقد دعمت السياحة بصفة غير مباشرة عابرات الماضى هذه فمختلف الجنسيات التى تعبر الأسواق تتهافت على منتجات النحاس المنقوش.

وبهذه الطريقة أصبح المنتج التقليدي منتجا فنيا اذ نجد على طبق النحاس أشكالا عادة ما نراها في المطرزات و في النسيج و الوشم فكل الاشكال مترابطة عبر الثقافة التقليدية.

وقد كان السوق بالأمس يستجيب الى الحاجيات الوظيفية للمدينة اما اليوم فهو يستجيب للحاجيات الجمالية للزوار القادمين من مختلف انحاء العالم.

وتعكس قدرة التكيف مع الاوضاع الجديدة حيوية هذه الحرفة وليونة الطباع التونسية

وتتآلف هذه الثوابت فيها بينها لتولد في التجمعات الحرفية داخل السوق تطلعات جديدة لصالح الصناعات التقليدية التونسية. وفد صمدت الصناعات النحاسية امام مرور الزمن بفضل طاقة التكيف والثبات ونقلت بذلك الى الاجيال الحالية ويجب التذكير في هذا الصدد بدور الديوان الوطني للصناعات التقليدية في الحفاظ على الذ اكرة الجماعية.