10إن تعاطي صناعة البلور تعتبر من الأنشطة العريقة والمتجذرة في التاريخ الثقافي التونسي.
وقد ورث البونقيون هذا النشاط عن أجدادهم الفنيقيين حيث اعتمدوه وطوره في قراح وكركوان. وبعد انحلال الإمبراطورية العثمانية, واصل المختصون التونسيون في صناعة البلور الإنتاج وحسب الطرق التقليدية : النفخ في الهواء الطلق أو داخل القالب.
لقد شهد العصر الإسلامي الوسيط ظهور صناعة البلور في تونس التي عرفت انطلاقة خاصة على غرار البلدان الأخرى ذات الزخرفة الإسلامية : رشاقة زينة القوالب والنحوت, وخاصة ثراء الزخارف المذهبة والمطلية في عديد الأعمال.
وسعت الخلافة الأغلبية والفاطمية والزريد لمنافسة المستوى الذي المرموق الذي شهدته بغداد في هذا الميدان, حيث قامت هذه الخلافات بتطوير صناعة البلور منذ القرن الرابع هجري وقد بقيت نشيطة إلى غاية القرن الرابع عشر حيث تم التخلي عن النفخ بالفم في منتصف هذا القرن ليحل محله الإنتاج المصنع. وبعد إختفاء دام آلاف السنين يظهر البلور من جديد في تونس بفضل الديوان القومي للصناعات التقليدية الذي أعاد استعمال التقنيات التقليدية ثم واصل الحرفيون المبتكرون العمل في عدة اختصاصات جمعت بين التقاليد العريقة و التطبيق العصري.
فعلا إن صناعة البلور المنفوخ بصدد جلب عدد متزايد من الفنانين التشكليين الذين لا يترددون في استعمال الطرق العملية المعتمدة في هذه الصناعة بهدف الحصول على أشكال تبدو جد متداولة,
إن نفيخ الحرفي الموجه لعجين البلور يفرز قطعا متنوعة كالأباريق الصغيرة وحامل الشموع وحافظ العطورات رقيقة الجوانب وقطع أخرى أقل تداول كالمزهريات وحافظات الحلوى وطواقم الشاي.
إن قطع البلور المنفوخ سواء كانت شفافة أو سميكة تتحمل الزخرفة المصورة متعددة الألوان في أشكال هندسية أو زهرية ذات نماذج مستلهمة من عمق الزخرفة التقليدية.
وهل يسمح المجال بذكر قناديل النفط البلورية التي تم إنتاجها صناعيا والتي أنارت منازلنا طويلا وهي تشهد اليوم كذلك زخرفة تصويرية بعد أن أصبحت أسرجة ليلية.